9 مصاحف


/ /   /

الجمعة، 8 أكتوبر 2021

صورة من صور البر بالوالدين // وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا


وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9)

---------------
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) } .


يقول تعالى: { مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ } أي: في الدار الآخرة، وعمل الصالحات رجاء ما عند الله من الثواب الجزيل، فإن الله سيحقق له رجاءه ويوفيه عمله كاملا موفورا (1) ، فإن ذلك كائن لا محالة؛ لأنه سميع الدعاء، بصير بكل الكائنات (2) ؛ ولهذا قال: { مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .


وقوله: { وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ } ، كقوله: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ } [فصلت: 46] أي: من عمل صالحا فإنما يعود نفع عمله على نفسه، فإن الله غني عن أفعال العباد، ولو كانوا كلهم على أتقى قلب رجل [واحد] (3) منهم، ما زاد ذلك في ملكه شيئا؛ ولهذا قال: { وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } .


قال الحسن البصري: إن الرجل ليجاهد، وما ضرب يوما من الدهر بسيف.


ثم أخبر أنه مع غناه عن الخلائق جميعهم من إحسانه وبره بهم يجازي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أحسن الجزاء، وهو أنه يكفر عنهم أسوأ الذي عملوا، ويجزيهم أجرهم بأحسن ما (4) كانوا يعملون، فيقبل القليل من الحسنات، ويثيب عليها الواحدة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، ويجزي على السيئة بمثلها أو يعفو ويصفح، كما قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } [النساء: 40]، وقال هاهنا: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }


{ وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) } .


يقول تعالى آمرا عباده بالإحسان إلى الوالدين بعد الحث على التمسك بتوحيده، فإن الوالدين هما سبب وجود الإنسان، ولهما عليه (5) غاية الإحسان، 
 
 فالوالد بالإنفاق 
 والوالدة بالإشفاق؛ 
 
 ولهذا قال تعالى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } [الإسراء: 23، 24].
__________
(1) في أ: "موفرا".
(2) في ت: "بصير بالكائنات".
(3) زيادة من أ.
(4) في ت، ف، أ: "الذي".
(5) في أ: "إليه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج 1.وج2. كتاب الفتن المؤلف : نعيم بن حماد المروزي أبو عبد الله [[ من 1 الي 2001 -]]

  ج 1. كتاب الفتن  نعيم بن حماد المروزي أبو عبد الله   ما كان من رسول الله صلى عليه وسلم من التقدم ومن أصحابه في الفتن التي هي كائنة...